الاثنين، 27 مارس 2017

ضـــد مـجــهـــول !! بقلم الكاتب / حسن زايد


ضـــد مـجــهـــول !!

كم من الجرائم التي يجري قيدها ضد مجهول . والقيد ضد مجهول لا يعني أنه ليس هناك فاعل ، وإنما يعني أن هناك فاعل غير أنه مجهول ، أو أنه معلوم ، إلا أنه من غير المرغوب فيه ، الكشف عنه . والقيد ضد مجهول يعني غلق الملف مؤقتاً ، لحين الكشف عن الفاعل ، أو غلق الملف نهائياً للحيلولة دون البحث عن الفاعل . والقيد ضد مجهول الذي نقصده هنا ، يكون الفاعل فيه معلوماً ، إلا أنه من غير المرغوب فيه ، الكشف عنه ، ويكون غلق المف فيه نهائياً ، للحيلولة دون البحث عن الفاعل ، أو الوصول إليه . وغالباً ما يتم ذلك مع القضايا ذات الصبغة السياسية ، وتقوم باقتراف جرائمها أجهزة استخباراتية ، أو جهات أمنية . حيث يكون الشخص محل الجريمة ، مصدر خطر، أو تهديد ، علي جهات سياسية ، أو أشخاص لهم علاقة بالنشاط السياسي ، أو مصدر خطر علي أمن بلد من البلاد ،أو تهديد مستقبلها في جانب من جوانب النشاط المتعلق بها ، حالاً أو استقبالاً ، وذلك وفق تقدير هذه الدولة أو الدول . لا أقول ذلك تبريراً للجريمة ، وإنما تبقي الجريمة جريمة ، ويبقي اقترافها سقوطاً أخلاقياً ـ علي مستوي التشريعات السماوية ، وكذا التشريعات الوضعية ـ غير مبرر علي الإطلاق .
وفي إطار تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ، لعب جهاز الأمن الإسرائيلي " الموساد " ، بالتعاون مع أجهزة أمنية غربية ، بالإضافة إلي جهاز الأمن الأمريكي " وكالة المخابرات المركزية الأمريكية " ، دوراً قذراً ، في هذه الجرائم غيرالأخلاقية ، تحت سطح الأحداث ، في المناطق المظلمة للحرب الخفية ، التي تدور رحاها من وراء الكواليس . وجميعها تقيد ضد مجهول . وهذه الآلة الشيطانية الصامتة للقتل ، تستهدف أول ما تستهدف علماء مصر الأكفاء ، والعلماء العرب ، وخاصة في مجال علوم الذرة ، وتصميم المفاعلات النووية ، ثم في مجال الإتصالات وعلوم الفضاء والأقمار الصناعية ، ثم أولئك العلماء الذين تخصصوا في مجال الكشف عن حقيقة العدو ، وجذوره ، وعلاقاته المشبوهة ، واستراتيجيته المستقبلية ، والوقوف علي كيفيةإحباطها ، والأدوات اللازمة لذلك.
وعالم مقالة اليوم ، هوالعالم المصري الشاب / سمير نجيب ، الذي تخرج من كلية العلوم جامعة القاهرة في سن مبكرة ، وتابع أبحاثه العلمية في مجال الذرة . ولكفاءته جري ترشيحه لبعثة في أمريكا ، وهناك تابع أبحاثه ، وهو لم يجاوز الثالثة والثلاثين من عمره . وأظهر نبوغاً وعبقرية مميزة في بحثه ، الذي فرغ من إعداده قبل موعده بسنة . وكان ذلك في أواسط الستينيات من القرن الماضي . والكلام عن نبوغه وعبقريته ليس مجرد كلام ، وإنما عليه الشاهد والدليل ، فقد تصادف أن أعلنت جامعة ديتروت الأمريكية عن مسابقة للحصول علي وظيفة أستاذ مساعد في علم الطبيعة ، وتقدم للحصول علي هذه الوظيفة أكثر من مائتي عالم ذرة من مختلف الجنسيات ، من بينهم الدكتور سمير نجيب ، فوقع الإختيار عليه ، دون بقية المتقدمين ، وفاز بوظيفة أستاذ مساعد في هذه الجامعة . ومن ذلك تتضح مكانة الرجل العلمية ، ومدي نبوغه وعبقريته .
بدأ العالم المصري الشاب أبحاثه الدراسية ، وكالعادة لفت انتباه ، وأثار قلق الصهاينة ، والمجموعات الموالية لهم ، خاصة بعدما أثارت أبحاثه إعجاب الكثير من الأمريكيين . فانهالت عليه ـ كالعادة أيضاً ـ العروض المادية الجاذبة لتطوير أبحاثه ، وهو نفس الأسلوب الذي جري اتباعه مع العالمة المصرية الشابة سميرة موسي ، التلميذة النجيبة لأستاذها آينشتاين العرب / مصطفي مشرفة . فإذا بالعالم الشاب ـ كديدن معظم المصريين في الخارج ـ يقرر العودة إلي مصر ، في أعقاب حرب يونية / حزيران 1967م ، لشعوره باحتياج بلاده لخدماته ، في ظل الظروف العصيبة ، التي كانت تمر بها في تلك الآونة . وقد وُجِد من حاول أن يثنيه عن قراره ، إلا أنه أصر علي العودة ، وقرن إصراره بحجز مقعد علي الطائرة المتجهة إلي القاهرة يوم 13 أغسطس 1967م . وما إن تم إعلان ذلك من جانب العالم الشاب ، حتي تقدمت إليه جهات أمريكية كثيرة ، طلبت منه عدم السفر ، وعرضت عليه العديد من الإغراءات المادية والعلمية ، كي يبقي في أمريكا دون مغادرة . إلا أن العالم الشاب قد رفض كل هذه الإغراءات ، شأن العالمة الشابة سميرة موسي . وفي الليلة المحددة لعودته ، وفي مدينة ديترويت ، وبينما كان يقود سيارته ، كانت هناك سيارة نقل ضخمة تتبعه ، كما حدث مع سميرة موسي ، وفي لحظة مأساوية مرعبة ، زادت السيارة النقل من سرعتها ، وارتطمت بسيارة العالم الشاب ، فحطمتها ، ولقي عالمنا الشاب مصرعة علي الفور . وانطلقت السيارة النقل مسرعة ، واختفت . وقيد الحادث ضد مجهول ، علي نحو ما حدث مع سميرة موسي ، العالمة المصرية الشابة .
وهنا السؤال ، هل تبدو هذه الوقائع ، وتشابه تفاصيلها بين حادثتين ، مجرد مصادفة ؟ . أم أن هناك قوي قد آلت علي نفسها ، تدمير وهدم كل بنية علمية مصرية / عربية من المنبع ، وفقاً لسياسة تجفيف المنابع ، بقتل وتصفية واغتيال علماءها ؟ .
إذا كان ذلك كذلك ، فلا ريب أنه يلقي علي عاتق الدولة المصرية ، اتخاذ كافة التدابير الأمنية اللازمة ، لتأمين علمائنا ، في الداخل والخارج ، من خلال دوائر أمنية محكمة ، تستعصي علي الإختراق ، فهل إلي ذلك من سبيل ؟ ! .
حــســـــــن زايـــــــــــد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق