الاثنين، 20 نوفمبر 2017

الـشـــوبـاشــي والإســـــلام بقلم الكاتب / حسن زايد



حسن زايد
57 سنة
مدير عام
العاشر من رمضان ـ مصر
01016600720
حــســـــن زايــــــــد .. يـكتـب :
الـشـــوبـاشــي والإســـــلام
لا يحق لأحد تحت أي ظرف مصادرة حرية الرأي والتعبير لشخص آخر ، وأينما وجد هذا الحق الإنساني ، وجد الحق في النقد لهذا الرأي ، ولطرائق التعبير عنه ، وأساليبة . وهما مرتبطان ببعضهما إرتباط الوجود والعدم . ووجهات النظر قابلة للإختلاف حولها ، فهي إما مقبولة كلها ، أو مرفوضة كلها ، أومرفوض بعضها ، ومقبول بعضها الآخر . والإختلاف حول وجهات النظر من طبائع الأمور ، لأنه نتاج إعمال العقل في المعروض منها ، والعقول والأفهام متباينة بطبيعتها في الإستقبال ، والتناول ، والحكم . والإختلاف الحاصل في وجهات النظر، وليد هذا التباين . إذ لولا تباين العقول والأفهام ، لما تباينت وجهات النظر .
وطالما أن حق النقد مكفول ، فلا أحد فوق هذا الحق ، والجميع واقع لا محالة تحت طائلته ، بلا غضاضة ، ولا خلاف ، ولا تجريح ولا إسفاف . فهو في الأصل موقف معرفي ، قائم علي قبول الصواب من الرأي ، ورفض الخطأ فيه ، من وجهة نظر الناقد .
وقد أعطت السيدة الصحفية / فريدة الشوباشي ، في حوارها المنشور في جريدة اليوم السابع ، يوم 12نوفمبر 2017م ، الحق في نقد بعض الأوضاع والأشخاص . إلا أن نقدها لم يبن علي قاعدة ثابتة متينة ، حتي أنه يصعب إعتباره نقداً ، لأنه ليس موقفاً معرفياً ، يقوم علي قبول الصواب ورفض الخطأ . وإنما هو مجرد انطباعات أولية ـ أقرب إلي المواقف العاطفية ـ لمَّست مع هذه الأوضاع ، وهؤلاءالأشخاص ، فصدرت نتاجاً عنها ، أحكامأ أقرب إلي النقض، والنقض هدام ، بينما النقد بناء . وشتان بين الأمرين .
وما ورد علي لسانها من أمور سياسية ، قد تختلف معها ، أو تتفق ، كلياً أو جزئياً . ولا حرج في ذلك ، لأنها من الأمور التي تحتمل الأخذ والرد . بما في ذلك رأيها في بعض التيارات التي تبنت توجهاً إسلامياً ـ بالحق أو بالباطل ـ في اشتغالها بالسياسة . وكل ما يمكن قوله في هذا الصدد أنها ناصرية بالعاطفة ، فقد كرهت عبد الناصر بعد سجن زوجها ، وأحبته بعد التنحي ، وذهبت إلي تشبيهه بالصحابي الجليل / عمر بن الخطاب . ومن منطلق حبها لعبد الناصر ـ شأن كل الناصريين ـ كرهت السادات ، وأظهرت فيه القطط الفطساوات ، في كل ما أتي وترك . حتي قرار حرب أكتوبر،أعطته للجيش ، بمعزل عن رئيس الجمهورية . وليس هكذا يوزن الرجال .
والشوباشي لم تكتف بآرائها السياسية ، التي ربما تكون صادمة ، وإنما ركبت الموجة ـ شأننا جميعاً ـ وخاضت في قضايا دينية ، لا تجيد الخوض فيها ، لافتقارها للقاعدة العلمية ، المؤهلة لذلك . ولكنها الموضة ، التي أصبحنا نلهث وراءها لا إرادياً ، وأجرمنا في سحبها علي قضايا الدين ، دون دراية أو علم أو وعي أو إدراك ، لا بالموضة الفكرية ولا بغيرها . ومن نقائص الموضة أنها نمط يولع به الإنسانُ مدّة ثم يزول ، وهذا لا يصح في مسائل العبادات والعقائد ، الموسومة بالثبات والديمومة .
ومن القضايا الدينية التي عرجت عليها الشوباشي ، قضية أن الإسلام جوهر وليس شكل . وهو كلام يبدو جميلاً وأنيقاً ومعقولاً ومقبولاً . ولن أقول أنها كلمة حق يراد بها باطل ، ولكن أقول أنها كلمة تساق لا شعورياً ، من باب الحيل النفسية الدفاعية ، حال الشعور بالتقصير في جانب من جوانب العبادات . فالعبادات في الإسلام لها شكل وجوهر ، فيما عدا الصوم . فلا يصح قياس بقية العبادت علي الصوم ، ويجري وفقاً لذلك إسقاط الشكليات ، لأن القياس هنا قياس فاسد .
وقد عرجت كذلك علي قضيتي الحجاب والنقاب . فقطعت بعدم فرضية الحجاب ، وقضت بأن النقاب ضد الشريعة . والواقع أنها قد جانبها التوفيق في الأمرين ، جانبها التوفيق في القول بعدم فرضية الحجاب ، لقوله تعالي : "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) " . وأقول ـ جرياً علي الموضة ـ أن هناك نهي بعدم إبداء الزينة باستثناء ما ظهر منها ابتداءًا ، تلاه أمر بضرب الخُمُر علي الجيوب ، مع أن الأصل في الخمار أنه غطاء للرأس ، فخمار الرجل عمامته ، وموضعها الرأس ، فيصبح بذلك الضرب علي الجيوب بالخمر زيادة علي الأصل . حتي لا يقول أحدهم بأن ضرب الخُمُر علي الجيوب دون الرأس ، لأنه لو قصد الرأس لقال علي رؤوسهن . ثم قال : " وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ ... " وفيها نهي عن إبداء الزينة إلا لأفراد جري تحديدها حصراً ، وليس علي سبيل المثال أوالعموم . أما القول بأن الشريعة بالمقاصد ، ثم الخروج منها بالقول : بأن وضع الحجاب علي الرأس ؛ كان بسبب البيئة البدوية والشمس ، فهو قول مردود بمفتتح الآية الذي يبين العلة من الحكم .
وقد جانبها التوفيق كذلك في موقفها من النقاب ، ومن الواضح أنها جرت في قولها علي الموضة ، فذهبت إلي أن النقاب ضد الشريعة . والواقع أنني ـ جرياً علي الموضة ـ قد سمعت في النقاب قولاً ارتحت له ، وهو أن النقاب فضيلة وليس فرضاً . والفضيلة لا تناقض الشريعة . إلا إذا رأي ولي الأمر أن النقاب يمثل خطراً اجتماعياً ، لاتخاذه وسيلة للتخفي ، وستاراً لارتكاب الجرائم والموبقات ، وهنا يتدخل لمنعه .
وزي المرأة المسلمة في الشريعة ، حُدِّد بمواصفاته محددة ، فهو لا يصف ، ولا يشف ، ولا يظهر من زينة المرأة إلا ما ظهر منها .
ثم عرجت أخيراً علي قضية تعدد الزوجات ، ورأت فيها أن الله قد حرم التعدد ، وهي ضده ، واستدلت بقوله تعالي :" وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ "، وقوله تعالي :" فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ". وقد وصلت إلي هذه النتيجة ، وهي تحريم ما أحل الله ، لعجزها عن التوفيق بين الآيتين . وتصادمت مع قوله تعالي : " فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ " . أما قولها أن الرجل إنسان ، والمرأة إنسان ، وما يصلح للرجل من تعدد الزوجات ، يصلح للمرأة من تعدد الأزواج ، هو كلام سطحي يدل علي السذاجة ، وأستعير هنا قول الشيخ الشعراوي : شيخوخة الفكر ، وطفولة العقيدة .لأن الأمر ببساطة ـ في رأيي ـ أن تعدد الزوجات لا يؤدي إلي اختلاط الأنساب ، بينما تعدد الأزواج يفضي إلي اختلاط الأنساب .
وليت السيدة / فريدة الشوباشي كانت قد اقتصرت في خوضها علي أمور السياسة دون الإسلام وأحكام الشريعة .
حـســــــن زايـــــــــد