الثلاثاء، 21 يونيو 2016

أنقذوا شبابنا من دراما العنف إعداد امل محمود

برافو عليك
هذا المقال للكاتب الصحفي أشرف محمود ، تناول المعالجات الدرامية ، وقدمت كوجبة للمشاهد في شهر رمضان ، إلا أن الوجبة كانت مسمومة ، دس فيها العنف والبلطجة والمخدرات والجنون ، وكلها خيارات مسمومة ، تؤثر نفسياً وعصبياً علي الصغار والكبار ، إلا أن تأثيرها علي تكوين شخصية الشباب أشد وأنكي . إن المقال يدق ناقوس الخطر، ويصرخ بأعلي صوته أننا أمة في خطر
واشكر كاتب المقال والله ما وجدت أشجع منه صحفيا ومن هنا كان دور الصحافة
أنقذوا شبابنا من دراما العنف !
أشرف محمود
ماذا يريد أهل الدراما منا - مؤلفين ومنتجين ومخرجين وممثلين - لماذا يتسابقون علي نشر كل مايعارض السلم المجتمعي، ولماذا يتبارون ويتفننون في تقديم دروس تفصيلية مجانية لعالم الاجرام والبلطجة والمخدرات والسحر والشعوذة ، وأين الدولة من هذا العبث؟، أم انها كالعادة ستصحو علي وقع الكارثة، وستكتفي برد الفعل ، دون ان تبادر مرة بفعل يضبط الايقاع.
لقد تحول الشهر الفضيل علي الشاشات وما أكثرها ، إلي ساحة اختلط فيها الحابل بالنابل ، وبات يقينا أن هناك من يحاول ان يشوه المجتمع المصري ويلصق به كل نقيصه ، لم يراعوا حرمة للشهر او حرمة للمجتمع ، تجاهلوا انهم يغتالون البراءة في نفوس اطفال يشكلون وجدانهم في غفلة من الأسرة والمدرسة والنادي وهي الجهات الثلاث التي يفترض أنها المسئولة عن الوعاء الوجداني للنشء ، ففيها يتم بناء الإنسان وفق ثلاثة محددات وجدانية وبدنية وثقافية ، وهي المحددات التي تتعاون من اجلها الرياضة والثقافة والفن ، لكن الاخير انحرف بأدائه عن جادة الصواب ، وأغمض المعنيون عن الرقابة أعينهم ، متأثرين بدعاوي الباطل التي يراد بها الحق، من نوعية الحرية للإبداع ، دون أن يلزموا أنفسهم بالمسئولية التي هي اساس الحرية ومن دونها تصبح فوضي.
إذ كيف تسمح الحرية بعرض محتوي درامي يحظي بأكبر نسبة من المشاهدة في شهر التسامح ليمرر كل الموبقات والنقائص من تحرش وتعاطي مخدرات واعمال سحر وشعوذة وحرب شوارع وعصابات ، يتلقفها شباب ضل الطريق إلي التربية الحسنة ولم يجد القدوة التي تأخذ بيده الي الطريق الصحيح ، ليشب عضوا نافعا في المجتمع يفيد نفسه واسرته ووطنه ، لكنه للأسف وجد نفسه متاثرا ببطولة لاسطورة وهمية ، من خلال ممثل شاب عمره التمثيلي لا يتجاوز أصابع اليدين لكنه بات فجأة بطلا تقترن الأعمال الإجرامية باسمه ، ولأنه قبل أن يضعه المنتجون والمخرجون في إطار الشاب الخارج علي القانون ، وتزامن ذلك مع فترة عصيبة مر بها الوطن غاب فيها الأمن وفرضت البلطجة قانونها قبل ان تتعافي الشرطة وتعود لبسط كلمتها علي الشارع وافعال القانون علي الجميع ، لكن للأسف لاتزال هناك أماكن يعيث فيها أشباه حبيشة والاسطورة وعبده موتة والألماني فسادا ، مما تعلموه من متابعتهم للأعمال الدرامية التي تمجد هذه النوعية ، فما كان من بعض الشباب المراهقين إلا مجاراة تلك الموجة في ظل غياب الرقابة الأسرية ، وراحوا يقلدون هؤلاء البلاطجة في تحركاتهم وملبسهم وطريقة كلامهم ، وزادوا بأن حملوا الاسلحة البيضاء والصواعق الكهربائية ليرعبوا بها من هم في سنهم او حتي اكبر منهم ، وليس أدل علي ذلك ما حدث ليلة التاسع من رمضان الحالي في منطقة البراجيل بإمبابة ، عندما تجرأ طفل في الرابعة عشرة من عمره علي طالب في الثانوية العامة كان يقف في متجر لأبيه قبل صلاة العشاء ، وأراد الطفل (البلطجي) أن يدخل المتجر ليستخدم أجهزة الحاسب الآلي دون أن يدفع قيمة استخدامه لهذه الأجهزة في الألعاب التي يريدها ، فما كان منه إلا أن خرج من المتجر واستل سكينا طعن به قلب طالب الثانوية الذي حاول الدفاع عن نفسه لكن المجرم الصغير تلميذ مدرسة حبيشة والألماني وعبده موتة كان أسرع منه ووجه الطعنة الثانية إلي البطن ليقع الطالب البريء صريعا تحت قدميه وسط ذهول المارة وأهل المنطقة الذين ألجمهم هول ما رأوه في الشهر الكريم الذي تصفد فيه شياطين الجن ، لكن يبدو ان شياطين الانس يمكنهم القيام بما يقوم به شياطين الجن بل ويتفننون فيه ، وبعد ان راحت السكرة وجاءت الفكرة واستفاق الناس وهرعت الشرطة إلي مكان الحادث ، تم القبض علي القاتل الصغير الذي اقتيد إلي التحقيق ، وبالطبع سيعامل معاملة الأطفال وسينال حسب القانون حكما - غير الإعدام ـ باعتباره طفلا في نظر الدستور ، ومهما بلغت مدة سجنه فإنها لن تشفي غليل أسرة الضحية، ما يدعونا للمطالبة بتعديل القانون واعتبار القاتل قاتلا مهما يكن عمره وليس ببعيد عنا حادث الطفل المجرم الذي اغتصب طفلة وقتلها وحكم عليه بالسجن بضع سنين وظهر مبتسما في وجه اهل الضحية.
إنني أثق فى أن الطفل القاتل ما أقدم علي فعلته إلا لتأثره بما يشاهد كل يوم من أعمال إجرامية تقدم تحت مسمي الإبداع وهو منه بريء، وأسترجع ذاكرتي لأقارن بين ما كنا نشاهده من أعمال فنية في مرحلة الصبا والشباب ومن هم الأبطال الذين تعلقنا بهم ، سنجد أحمد رمزي وحسن يوسف اللذين كانا يمثلان أدوار الشاب الشقي ، في إطار من الكوميديا الظريفة المبهجة حتي إننا أحببناهما وغيرهما الكثير من النجوم الشباب في جيلهما ، وأعجب أنه في ظل سفه الإنفاق والتنافس علي طرح أعمال درامية لا تفيد المجتمع ، لا نجد أعمالا توجه البراعم من شاكلة برامج عمو فؤاد أو جدو عبده التي عرفت الأجيال السابقة الكثير من الحقائق العلمية والتثقيفية والاجتماعية ، وهنا أجدني مدفوعا لتحية مفتي المملكة العربية السعودية الذي طالب بوقف عرض مسلسل علي شاشة إم بي سي يدعو للسحر والشعوذة ، وكم أتمني لو أن دار الإفتاء عندنا ومن قبلها مشيخة الأزهر الشريف تدخلت لوقف سيل الأعمال التي تهدم القيم وتنحرف بالدراما عن دورها في تشكيل وجدان المشاهدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق