الخميس، 24 ديسمبر 2015

حامد بقلم الكاتبة وفاء ماضي

حامد
جلس حامد أمام الدار يندب حظه ، ويحملق في كل من يمر أمامه من الصبية الذكور حاقدا حاسدا،هذا شأن حامد يوميا منذ أن رزقه الله بآخر البنات، حامد ليس له نصيب من اسمه في الحمد،لم يحمد الله يوما على خلف البنات ويعتبرهن نقمة عليه ، والسبب في طمس اسم العائلة....
همس في نفسه (أكاد أن ألبس ثوب الموت قبل أن أرى وريثا يحمل اسم العائلة)الدنيا بالنسبة له المال والبنون ، استحوذت على عقل حامد فكرة الزواج من امرأة تهبه الذكور، ذهب إلى القرية التي تقطن بها أخته وطلب منها العثور علي زوجة له كي ينجب وريثا لاسمه،وإن أنجبت أنثى سيطلقها، تزوج حامد ، مرت الشهور ورزق حامد بطفلين توأمين أقام الأفراح وذبح الذبائح وأحضر الخيل يتراقص على نغمة الطبل والمزمار، تحولت حياته إلى سعادة فلا يرى في الدنيا غير ولديه ، انقطعت زياراته لزوجته الأولى وبناته ولم يعد يتذكرهما..!
كان يحمل الطفلين على ظهر الحمار ويجوب القرية متفاخرا، لم يكتف بذلك وإنما يذهب إلى قريته السابقة ويمر أمام بيت زوجته الأولى دون إلقاء نظرة أو سؤال عن بناته، الزوجة تتوارى من نساء القرية لتتفادى سياط ألسنتهن ،تمر السنون سريعا ويذهب الولدان إلى المدرسة الابتدائية
تبدل حال الأب وأصبح جسده بيتا للعلل والأمراض ، حَّرم الأطباء عليه الطعام الدسم ،وأكدوا عليه أن لا يأكل إلا المسلوق
اليوم موسم وكعادة أهل الريف الاحتفاء في هذا اليوم ، طلب الولدان من الأم الأرز المعمر و أوزة محمرة، تجمعوا حول طبلية الغداء إلا الأب تناول طعامه المسلوق في غرفته وعلى الفراش
نعس الأب ساعة القيلولة كعادته ، عندما استيقظ أراد كوبا من الشاي ،صاح على الزوجة لم تجب صاح علي ولد تلو الآخر وعندما لم يجب أحد تحامل على نفسه ونزل عن الفراش ، بمجرد خروجه من الغرفة وقع نظره على الجميع نيام حول الطبلية ، حاول إيقاظهم دون جدوى وكلبهم نائم وأمامه بقايا الطعام ولسانه يتدلى خارج فمه ويسيل منه اللعاب ، تلمس أجسادهم وجدها باردة كالثلج ولون الوجوه تلون بالزرقة ، انحنى فوقهم يقلبهم يمنة ويسرة دون حراك أو نفس رطم رأسه بالجدار ولطم خده ،خرج من الدار لا يعرف من أين جاءته القوة ،استنجد بالجيران وهو يصرخ الكل أصابتهم صدمة أخرست ألسنتهم عن النطق....!
النيابة تحفظت على الجثث وجثة الكلب وأخذت عينات من الطعام وإناء المرق
الزوجة الأولى والبنات احتضن الأب وتناوبن على رعايته ..!
بعد أيام جاء تقرير الطب الشرعي أن الوفاة نتيجة سم فتاك فلقد عثروا في إناء المرق على حية ترقد في القاع
وفاء ماضي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق