الجمعة، 12 أغسطس 2016

غزَّة الجريحة بقلم الشاعر/ حكمت نايف خولي

غزَّة الجريحة
أو أمتي الجريحة
في غَزَّةَ اليومَ الحِجارَةُ تَدْمَعُ ..... والأرضُ تَنْحبُ والسَّماءُ تُولْوِلُ
وبيوتُ غَزَّةَ تُسْتَباحُ لمُجرِمٍ ..... يهوى التَّلذُّذَ بالدِّماءِ فَيقْتُلُ
وَحْشٌ تُفَجِّرُهُ الغرائِزُ شهْوةً ..... فَيُجَنُّ يَرْعُدُ بالقذائِفِ يُرسِلُ
فَتُدمِّرُ الأحياءَ فوقَ رؤوسِهم ..... والأرضُ تحتَ مُهودِهم تَتزلزَلُ
حتَّى المدارِسُ والمشافي هُدِّمَتْ ..... دورُ العِبادَةِ بالرَّدى تَتَسرْبَلُ
بين الحُطامِ وتحت أنقاضٍ هَوتْ ..... أُسَرٌ تُبادُ وبالحِجارَةِ تُسْحَلُ
فَهنا تُشاهِدُ أُمَّ أطفالٍ قَضَوا ..... في حضْنِها أشْلاؤُهم تَتملْمَلُ
قِطَعٌ مُمَزَّقَةٌ تَروحُ تَلُمُّها ..... عن مقعَدٍ يبكي ومهْدٍ يُعْوِلُ
وهناكَ رأسٌ قد تَدَحْرجَ باسِماً ..... وهنا عيونٌ تَستغيثُ وتأْمُلُ
والأمُّ تَخْبُطُ لا تُصدِّقُ ما تَرى ..... وهي الذَّبيحَةُ بالدِّماءِ تُبَلَّلُ
جمعتْ شَتيتَ جسومِهم في حجرها ..... كَفَنٌ حنونٌ للأحبَّةِ منزِلُ
وحَنَتْ عليهم تَستَجيرُ بربِّها ... وتَذودُ عنهمْ بالرَّجاءِ تُعَلَّلُ
فإذا القذيفَةُ أقبلتْ لتُريحَها ..... حفَرَتْ لهم لحْداً بهم يَتَبجَّلُ
أجسادُهم دُفِنَتْ بمرْتَعِ لهوِهم ..... فغدا مزاراً بالقَداسَةِ يَحْفِلُ
واهتَزَّ محْتَفلاً بهم عرْشُ السَّما ..... فاستَقْبلتْهُم جُنْدُها تَتهَلَّلُ
ويلُ الطُّغاةِ إذا استفاقَتْ في غَدٍ ..... صُورُ المجازِرِ والمذابِحِ تَسْألُ :
يا ربُّ هل يُرْضيكَ سَفْكُ دمائِنا ؟..... نحنُ الزَّغاليلُ الصِّغارُ العُزَّلُ
نحنُ البراعِمُ والأزاهِرُ والمُنى ..... وأمامَ عينِكَ نُسْتَباحُ ونُقْتَلُ ؟
فإذا السَّماءُ تُشَقُّ تُصْدَعُ من عَلٍ ..... وهديرُ صوتٍ كالقَضاءِ يُجَلْجِلُ
تبَّاً لصهيونَ الَّتي بشُرورِها ..... عَبَدتْ إلهاً ظالِماً لا يَعْدُلُ
ربَّاً دماءُ الأبرياءِ شرابُهُ ..... وغِذاؤُهُ لحمُ الصِّغارِ، الأفضَلُ
تبَّاً لأرضٍ بالجسومِ تَسمَّدتْ ..... بدَمِ الضَّحايا تَسْتَحِمُّ وتُغْسَلُ
تبَّاً لمخْلوقٍ جَحودٍ كافِرٍ ..... من روحِ شَيطانٍ يَجيءُ ويَنْسُلُ
أنا خالِقُ الأكوانِ حُبٌّ مُطْلَقٌ ..... نَبْعُ السَّلامِ ورَحْمتي لا تَأْفُلُ
وَسَعَتْ رِحابَ الكونِ في أرجائِهِ ..... كُلُّ الخلائِقِ بالحَنانِ تُظَلَّلُ
تبَّاً لمن عَقَّ الألوهةَ وارْتَضى ..... رَبَّاً ظَلوماً للمَفاسِدِ يَسْفُلُ
حكمت نايف خولي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق