الأحد، 29 نوفمبر 2015

وداع بقلم الشاعر وفاء ماضي

وداع
ارتبطت بعلاقة وطيدة مع شجرة الجوافة الشامخة أمام منزل جدتي بقريتنا ،جدتي دائما تتفاخر بأنها الشجرة الوحيدة في القرية التي تثمر ثمارا حمراء لها مذاق العسل،تجــاوزت مرحلة الطفـولة وأنا ما زلت على تعـلقي بالشجرة ذات يوم ابتسمت جدتي وقالت أأخبرك سرا لقد زرعت هذه الشجرة يوم تزوجت جدك فنبتت مع نبت أبيك بأحشائي، ضحكت وقلت إذن هي توأمة أبي، لم أكن الوحيدة التي تتعلق بالشجرة ، فالعائلة والجيران يحبون ظلها وثمارها حتى الأوراق يتداوون بمشروبها، تعلقي أنا بالشجرة له مذاق خاص فلم يزلجزعها يحتضن نقش قلبين وأول حرفين من اسمي واسم ابن خالتي الذي رحل عن عالمنا وتركني أعاني مرارة الفراق ، ماتت جدتي وأقفل المنزل وتوقفنا عن الذهاب إلى القرية ، ساقني الحنين بعد فترة لرؤية الشجرة ورؤية وجه حبيبي في ظلها ، وضحكة جدتي في هفهفة أوراقها..
سافرت إلى القرية أول شيء وقع عليه بصري كانت الشجرة ركضت إليها عانقتها فشممت رائحة عرق جدتي في رائحتها ، بدأت الصور تنساب على عقلي في تلاحق وتزاحم أحسست بروح حبيبي تطوف حول الشجرة تداعب القلبين ، طفرت من عيني دمعة على فراق جزء من قلبي ساءني ما آل إليه حال الشجرة جفاف أغصانها واصفرار لون أوراقها ونسيج العنكبوت الذي تتشابك خيوطه حول جزعها تدثرها بالكآبة ، حتى الظل سلب منها والرائحة ذهبت عنها ، شعرت بالحنين لعناق كفي جدتي ، وقفت أحدق فيها ملئ عينيَّ ، إذ بالجدار الخلفي لسطح المنزل ينهار فجأة فيشطرها نصفين نصف تناثر فوق الأرض والآخر الذي يحمل رسم القلبين مدفونا تحتها ...
وفــــــاء ماضي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق