الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

( ألفونس دو لا مارتين....والذوق الإنساني) بقلم الشاعرة سلوي متولي

( ألفونس دو لا مارتين....والذوق الإنساني)



الذوق الإنساني والمشاعر الإنسانية الراقية على وجه التحديد متشابهة بين جميع البشر مهما اختلفت الأوطان تمثل نبضا مشترك الإيقاع لحياة تعلو وتسمو وتظل حالمة مرتقية مهما واجهت من إنكار .
من هؤلاء الشاعر الفرنسي ألفونس دو لا مارتين، الذي أحب الترحال والتنقل كطبيعة الأدباء والفلاسفة ، أحب جميع البشر، أراد زيارة كل الأماكن الدينية التي تمثل جميع الديانات، وهو تلميذ أحد المدارس اليسوعية، وجعلت أسأل هل الألم يصنع من الإنسان إنسانا، فقد عشق لا مارتين، وذاق مرارة الحرمان حيث مرضت حبيبته ولم تعد حتى تستطيع زيارة شاهد حبهما بحيرة جورجيا...
............................
استطاع أن يجمع تأملاته في كتاب، أشار فيه لرقي القيم في البيوت الدمشقية، حيث حرص الأغنياء أن تكون واجهات بيوتهم من الطين مراعاة لشعور الفقراء، ومدح ذلك في كتابه ( تاريخ تركيا ).
الأعظم من ذلك أنه أحب رسول الإسلام محمدا صلى الله عليه وسلم، وجعلت أسأل نفسي ما بال من يريدون هدم صحيح البخاري، لا ينظرون لسماحة لا مارتين، أو ذلك الذي هاجم محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه يدعو للعنف والقتال ، انظروا ما قاله هذا المنصف غير العربي.
.........................
جعلتني أتذكر أن شياطين العرب المسلمين أشد سوءا على الإسلام من غيرهم، يقول لا مارتين عن نبينا محمد عليه السلام: " لقد كان الرسول العربي الكريم رجلا لطيفا ومتسامحا، لم يختر الحرب بل فرضت عليه".
وقال أن الهدف من رسالته هو : " هدم الخرافات الموضوعة عائقا بين المخلوق والخالق، وإعادة الله إلى الإنسان ، والإنسان إلى الله"
وأنهي حديثه عنه بقوله: "إنه فيلسوف وخطيب وفصيح .... هو النبي محمد فمن نجد أعظم منه إذا ما قيس بكل مقاييس العظمة الإنسانية ".
.......................
قصائده تعج بالفلسفة والألم من أهمها البحيرة، وعليك أن تتأمل مقطعا واحدا منها لتتلمس هذه الفلسفة الباكية ، يقول:
هكذا يلقى بنا دوما نحو سواحل جديدة
وفي الليل الأزلي نؤخذ بدون رجعة
فهل بمقدورنا يوما ، على سطح محيط الدهور
إلقاء المرساة ولو ليوم؟؟؟؟؟
تقرأ هذه القصيدة وكأنك تقرأ للحلاج قصائده الفلسفية، أو كأنك مع بن رشد تناقش قضية الجبرية، هكذا دائما يلتقي الفكر الإنساني، إذا تنزه عن الأحقاد، وارتقى في سماء العلم .
.............................
ولا نتحدث عن لا مارتين دون قصيدته الباكية الرقيقة ، الإنسانية الألم ( ندمى الأول) يقول:
عند الشاطيء الرنان حيث تهدر أمواج
بحر سورنت الزرقاء وأمام شجرة البرتقال
قرب المقابر ذات الرائحة النفاذة
هناك حجر صغير ضيق مجهول
لا تطأه أقدام الأغراب إلا مكترثة
تحمل نقوش الشاهد اسما واحدا
اسم لم يردده أبدا أي صدى
يتوقف أحد المارة أحيانا ويزيح العشب
ليقرأ العمر والتاريخ
كان لها سبعة عشر ربيعا
يا له من عمر مبكر للموت !
لكن لما أنقاد نحو تلك الأحداث الماضية ؟
لنترك الريح تئن والأمواج تهمهم
أتعودي يا ذكرياتي الحزينة
أريد أن أحلم ..لا.......أريد أن أبكي.
وهكذا هو الإنسان الذي تذوق معنى الإنسانية، وفهم حقيقة الوجود، فرق قلبه للبشر، فأحبهم بلا تمييز ، وأدرك معنى الحياة فعاش فيها بلا فناء،علينا أن ننظر لقيمة الفكر الآخر قبل توجيه الاتهامات لعيوبه،هكذا دين الإسلام وهكذا تريد الفطرة،فلندع ربنا يرى عمله كإله، وليعتزل آلهة البشر فهم من صنيعة الشيطان.......
....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق