الجمعة، 29 يناير 2016

وحدي بين حطام العالم |بقلم / رمضان سلمي برقي

وحدي بين حطام العالم |
قصة قصيرة _
بقلم / رمضان سلمي برقي
* عدت من عملي في ساعة متأخرة من الليل ،
أنعشت جسدي بماءا ساخنا ..
تناولت لقيمات لتسد جوعي ..
أشعلت التلفاز ،
تجولت بين القنوات الإخبارية التي بدورها أخذتني في جولة بين ثنايا العالم العجوز المهترئ ..
فحظيت بجرعات محبطة من أخبار دمار الأرض ،
والموت الذي صار كتناول فنجان من القهوة صباحا عند الكثير من البشر ..
إمتعضت كثيرا مما شاهدت ،
تيقنت لحظتها بأن نهاية هذا العالم قد إقتربت ،
وأن مارأيت ومايقع ماهو إلا علامات لاقتراب الطامة التي ستفصل في خلافات وأوهام الجميع ..
* رأيت مسلمون يذبحون بأيدي متطرفين ذبحا كذبح الخراف ،
دون وجه حق وتحت مسمي الدفاع عن الإسلام ..
* ذهبت لبقعة أخري بالعالم فوجدت " مسلمون " أيضا ،
تشعل بهم النار أحياء ،
ولكن هذه المرة لإنهم يشهدون " بأن لا إله إلا الله وبأن محمد رسول الله " ،
ولم أري تراجع أحدهم عن إيمانه بالله بل فضلوا يقينهم " بجنات عدن " عن جنات الأرض الزائفة ..
* رأيت بلادا عظيمة تحشد قواها وحلفائها إستعدادا " للحرب العالمية الثالثة " وفناء البشرية ،
وأخري إستعدادا للدفاع عن وجودها أثناء الحرب القادمة لا محالة ..
* رأيت بلادا ظلمت كثيرا ،
وتحاول الخروج من تحت الأنقاض والركام ،
وتحاول إثبات وجودها بين ذئاب العالم الشرهة ..
* رأيت شعوبا تصرخ " حرية " ،
فتصرخ أنظمتها " تكميم " فيعاودون صرخة الحرية بصوت أعلي ،
فتصرخ الأنظمة " قتل _ إعتقال _ فقر _ جهل _ تهميش " وهكذا دوالي ..
* رأيت أطفالا تقتل وتموت جوعا وبردا وفقرا ،
ورأيت دولا مرفهة تنفق المليارات في شراء وسائل الترف ،
وملابس النوم ، والمنشطات الجنسية ..
* رأيت العالم ينحدر إلي الرذيلة ويتخلص من الأخلاق الفضيلة ،
والأفلام الإباحية أصبحت الأعلي طلبا ومشاهدة ..
* رأيت السرقة والنهب والظلم ، وأكل أموال اليتامي ،
والكذب ، والشهادة الزور ، والإنحلال ، والعري ..
* أرهقت كثيرا ، وإنتابني اللاشعور ،
تبلدت كل أحاسيسي بإنسانيتي ، فضلت الشروع إلي سريري والنوم ،
حتي ألحق عملي مبكرا ..
وضعت رأسي علي الوسادة الباردة ،
فشرعت في إغماض عيناي فأبت جفوني الطاعة ..
وبعد صراع رحت بغياهب النوم والحمد لله ..
فجأة ،،
* وجدت نفسي واقفا بين حطام وركام ورماد العالم المنقضي !..
تسائلت : ماهذا هل انتهي العالم وخلا من البشر بهذه السرعة !؟
: هل ذهبوا وتركوني وحيدا بين حطام الأرض ؟
: ولما أنا الذي أبقاني القدر وحيدا فريدا ؟
* الهدوء يسيطر علي الأرجاء ،
حطام البيوت الصغيرة وناطحات السحاب الكبيرة لا يعلوا عن بضعة سنتيمترات فوق أديم الأرض ...
حطام الآليات العسكرية ،
والطائرات الحربية ، والصواريخ النووية ،
صار رمادا لا وجود له ...
تجولت بالأرض حتي أجد أي نوع من الحياة فوجدت جثث البشر قد تعفنت ،
وإنتشرت رائحتها النتنة ..
رأيت جثث الأغنياء بجانب جثث الفقراء ..
رأيت جثث الضحايا ممن ذبحوا وحرقوا لم تتعفن بعد ،
ورأيتها علي مقربة من جثث من أحرقوهم وذبحوهم والتي قد تعفنت وتآكلت ..
رأيت أدخنة كثيرة وسمعت حسيسا ...
فإقتربت أكثر فرأيت بلادا وقوي عظمي تحت لهيب النار ،
وإخري غارقة تحت الإعصار ...
* شعرت بالبرودة فشرعت بالبحث عن مكان أحتمي به ..
فجأة ،،
سمعت ضحكات لصبية ، فأسرعت تجاه الصوت لعلي أجد أحياء ..
وبالفعل وجدت أطفالا سعداء خلف جدار لم يهدم بعد ..
إقتربت منهم ، رآني أحدهم ،
إبتسم في وجهي قائلا : لقد مات العالم ياسيدي ،
وترك لنا أغطية كثيرة ،
كانوا يرفضون أن يرسلونها لنا أحياءا ،
فأصبحت ملكا لنا الآن ، إقترب لتحظي معنا بالدفء ؟
فإنضممت إليهم ، وشعرت لأول مرة بالدفء ،
ولكن لم أنعم به كثيرا ،

وسرعان ما إستيقظت فوق سريري علي رنين المنبه المزعج ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق