الجمعة، 25 أغسطس 2017

المـــرأة فـي زمــن المـــرأة بقلم الكاتب / حــســــــن زايـــــــــــد


المـــرأة فـي زمــن المـــرأة
لقد أصبحت المرأة وقضاياها ، متربعة علي عرش الإهتمامات ، بمناسبة وبدون مناسبة ، علي نحو لم يسبق له مثيل من قبل . وأنا لست ضد المرأة وقضاياها ، وإنما ضد المتاجرة بها ، التي وصلت حد الإبتزال والترخص . فالمرأة بالنسبة لي هي الأم والخالة والعمة ، وهي الأخت والإبنة ، وأنا وأنت ـ كرجال ـ أولي بها من غيرها . وكما قلت فإن الحديث قد وصل إلي حد الإبتزال والترخص ، بوصوله للقنوات الفضائية ، وبرامج " التوك شو " ، وأصبح محلاً للشد والجذب ، والشجار والتنابذ ، وعرض ما لا يصح أن يعرض من عورات البيوت واجبة الستر . فضلاً عن تبني الآراء الشاذة المطالبة بالتوسع في حقوق مدعاة ، تفضي في نهايتها إلي التفسخ المجتمعي ، وانهيار المنظومة القيمية التي يقوم عليها المجتمع ، وتصدع قدرتها علي ضبط حركته علي الطريق القويم .
لقد أصبحت المرأة محطاً لقضايا مستهلكة ، كقضايا الزواج والعنوسة ، والطلاق والخلع والهجر " التعليق " ، والحضانة والنفقة ، والزنا وزنا المحارم ، والقتل ، والتفريط في الأطفال ، بالبيع أو التضييع ، أو تعدد الرجال وتبادل الأزواج . والقضية الأم ... قضية المساواة بين الرجل والمرأة .
وقد تبنت هذه القضايا جميعها ، أشخاص وجمعيات وأندية ، بعضها غرضها نبيلاً ، والآخر ضميره مدخولاً ، ونيته مغشوشه ، وغايته خبيثة . وقد نجح هؤلاء في وضع المرأة في مواجهة الرجل ، بدلاً من وضعها إلي جانبه ، بدلاً من وجودها خلفه . وأصبح الدفاع عن هذه القضايا معارك ، والمعارك استدعت وجود المحاربين والأسلحة وميادين القتال . وهكذا أصبح المجتمع مستنفراً لمعارك طواحين الهواء ، ومنشغلاً بها ، ويقف الجميع علي أطراف أصابعه . وهي معارك الجميع فيها خاسر ومنهزم ومنكسر .
ولم يبق أمام المرأة من عدو سوي الإسلام . فهو العقبة الكئود في سبيل حصول المرأة علي حقوقها وحريتها . وهو الحائط المائل ، الذي تصب فوق رأسه كل كوارث ومصائب المرأة المعاصرة .
فبعد التحلل من بعض القيود المتعلقة بحشمة لباس المرأة، بزعم حرية المرأة ، مع أن الأصل في هذه الحشمة هو المحافظة للمرأة علي جاذبيتها . فصارت بعض النساء يتحللن من حشمة ملابسهن ، ويكشفن من أجسادهن بعض مواضع العورة . إلا أن المجتمع في سبيل حصول المرأة علي حقوقها ، تجاوز عن مطلوبات الشرع في قضية الزي والستر والحشمة . ثم حدث الهجوم الضاري علي قضية الزي في الإسلام .
ثم تقدم الأمر خطوة ـ التخلف في الإلتزام بتعاليم الإسلام ـ بإباحة زواج المرأة المسلمة من الرجل المسيحي ، انتصاراً للحب . والأشد وعورة في الأمر أن كلا العروسين قد أخذ موافقة مرجعه الديني ، وأهله . والقصة هنا ليست طائفية ، بقدر ما هي انتزاع لمهابة الدين من النفوس ، تحت مزاعم شتي .
ثم تقدم الأمر خطوة أبعد بصدور تشريعات ، والتقدم بمشاريع قوانين ، تساوي بين المرأة والرجل في الميراث ، ظناً من المشرع أن " للذكر مثل حظ الأنثيين " قاعدة ، وهي ليست كذلك . فقد وردت في توزيع الميراث بين أخ وأخت فقط ، أما باقي المواريث فتتم علي قاعدة المثلية الواضحة الصريحة . ومن هنا فإن إعمال نص التساوي المطلق بين الأخ والأخت ، يعد ظلما للرجل / الأخ ، لحساب الأنثي / الأخت . فالرجل / الأخ يرث مثل حظ الأنثيين / الأختين ، لأن الرجل / الأخ ملزم بالإنفاق علي نفسه ، وعلي زوجه . أما البنت فنفقتها تلزم زوجها . فلو تساوت الأخت في نفقتها من مال زوجها ، مع نفقة زوجة أخيها من ماله ، لتساوي نصيب الأخت مع نصيب الأخ في الميراث . وهكذا تصبح دعوي المساواة في الميراث باطلة . وأنها خطوة أبعد في إزاحة الإسلام من الطريق . وهو يمثل منظومة القيم الحاكمة لدينا . وبذا نطيح بهذه المنظومة ، ولن نتحصل منظومة علي بديلة ، ونصبح بذلك في مهب الريح ، كما أريد لنا أو أردنا لأنفسنا .
والخطوة الأخيرة ، والأخطر ، والتي حتماً سيتبعها خطوات أخري ، تتمثل في محاولات الدعوة للتقدم بمشاريع قوانين تبيح تعدد الأزواج ، حتي تتساوي المرأة مع الرجل في إباحة تعدد الزوجات . وهي أفكار تروج لتقنين الزنا والسفاح ، وتشرعن لأعمال الدعارة وتجارة الرقيق الأبيض . ولكن بغطاء قانوني يقضي علي مطاردة هذه اللأعمال ، والتضييق عليها ، وتصبح تلك الممارسات مفتوحة بقوة القانون .
والقضية لم تعد قضية دين وإسلام ، وإنما قضية تتهدد وجود المجتمع . عندما يصبح الزمن هو زمن المراة ، وعندما تتحول المراة لآلة ، وتصبح العلاقات الإجتماعية ، مجرد حركات ميكانيكية ، تنعدم فيها المشاعر والأحاسيس . وينعدم فيها الإنسان .
حــســــــن زايـــــــــــد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق