الجمعة، 4 أغسطس 2017

الـفــوضـي الإعــلامـيـة عـلـي الـشـاشـــات الـمــصـــريـــة بقلم الكاتب / حسن زايد



حــســــن زايـــــــد .. يكتب :
الـفــوضـي الإعــلامـيـة
عـلـي الـشـاشـــات الـمــصـــريـــة
لعله يكون من نافلة القول ، الذهاب إلي أن شاشات التلفاز، هي نافذة الشخص علي العالم . تنقل له ما يدور من أحداث ، وما يعترك من أفكار ، وما يتصارع من مناهج ، وما يعتمل في المجتمع من قيم ومسالك ، وما ينتجه من فن وجمال . شاشة فضية ، تمتلك من الوسائل التقنية ، ما يمكنها من الأخذ بتلابيب عقل المشاهد ، وأحاسيسه ، ووجدانياته ، ومداركه ، وهو لا يملك منها فكاكاً ، أو عنها انصرافاً . وقد حلت هذه الشاشة ـ في رأيي ـ محل الأسرة ، والمدرسة ، وجماعة الرفاق ، في التأثير ـ سلباً أو إيجاباً ـ في توجهات الشخص ، ورأيه ، في الكون والحياة . ولذا يمكن القول بمنتهي الأريحية ، أن التلفاز يؤثر تأثيراً بالغاً في رسم وتحديد وبلورة اتجاهات الرأي العام في المجتمع .
ومع دخول القنوات الخاصة إلي الساحة الإعلامية ، وقد تسربت بها ، ومن خلالها ، أوجه غريبة ، وبرامج أغرب ، وعروض فنية وفيلمية ومسلسلاتية أشد غرابة . ووجه الإستغراب ليس علي وجود هذه المخرجات في ذاتها ، لأنها موجودة في المجتمعات الغربية ، ولكن علي النحو الذي يمثل هذه البيئة ، ويلائمها ، مدخلات ومخرجات ، ولا تستورد ولا تستعير ولا تسرق أشكالاً وأعمالاً لا تتناسب مع منظومة القيم الحاكمة عندها . أما عندنا فقد أتينا بهذه الأشكال ، وأخرجنا منها ذلك المسخ الإعلامي الفاقع .
والمفارقة أن العصر الذهبي للتلفزيون المصري ، أيام كان أغلب العاملين فيه ، من غير خريجي كلية الإعلام ، وهم يمثلون جماعة الرواد في العمل الإعلامي ، وليسوا مجرد شخصيات تاريخية متحفية . وإذا بحثت عن موضع الخلل الذي أحدث الفارق بين الجيل الحالي وجيل الرواد ، لصالح جيل الرواد ، رغم الدراسة الأكاديمية التخصصية لأبناء الجيل الحالي ، ستجد مرده إلي الإختبارات المرجعية للصلاحية للعمل في المجال الإعلامي من عدمه ، من واقع خبراء المهنة وروادها . وكانت تدخل في هذه الإختبارات الجوانب السيكولوجية ، والفكرية ، والثقافية ، ومدي الإتزان النفسي ، والتصالح مع النفس ، ومع القيم المجتمعية الحاكمة . أما اليوم فإنه يجري التعيين بموجب المسوغ الورقي ، الذي يحصل عليه الخريج ، بغض النظر عن الإعتبارات السابقة ، وعلي رأسها حالة الإتزان النفسي . مع أن هذا المسوغ ، يحمل في طياته ، كافة صور عيوب ، ومثالب العملية التعليمية في مصر، وما تحمله من آفات ، غير منكورة .
هذا طبعاً بخلاف تجاوز التخصص بين الصحفي والإعلامي ، بالإضافة إلي التغاضي عن المؤهل ذاته . فتجد الصحفي وقد طل عليك بمظهر الإعلامي من ناحية ، وتجد الممثل والممثلة ، والمطرب والمطربة ، والراقصة وقد اعتلوا المنصة الإعلامية من ناحية أخري .
وقد نتج عن كل ذلك ، كل هذه الفوضي الإعلامية العارمة ، بكل آثارها المدمرة علي قيم المجتمع وتوجهاته . حتي أننا يمكننا القول بأن بعض البرامج لا تمثل سوي طفح مجاري ، وبؤر شيطانية إجرامية . وقد تجاوزت بعضها الحدود ، إلي حدود من السب والقذف ، والتعدي بالفعل وبالقول وبالإشارة ، والفعل الفاضح الخادش للحياء العام ، مما يستوجب الخضوع لقانون العقوبات ، وليس لميثاق الشرف الإعلامي ، أو قانون نقابة الصحفيين أو الإعلاميين ، التي تقتصر علي التحقيق والوقف عن العمل لمدة محدودة .
فهناك واقعة منسوبة لإحدي مقدمات البرامج ، تتمثل في قيامها ـ وهي مرتدية ملابس غير لائقة تشي بأنها حامل ـ بالدعوة إلي إمكانية أن تصبح المرأة أماً وأباً في آن معاً ، عن طريق الإتفاق مع رجل علي الإرتباط لغرض الحمل فقط ، لقاء مبلغ مالي ، ثم ينفصلان . وقد زادت الطين بلة ، حين قالت أن ذلك سهل وميسور في الخارج ، بالذهاب إلي بنوك المتبرعين ، وتلقيح السيدة . وقد دأبت هذه المذيعة ، علي إتيان أمور غريبة ومثيرة للجدل في برنامجها ، من بينها الظهور داخل : " بانيو " ، للإيحاء بأنها تستحم .
ومذيعة أخري استضافت سيدة متزوجة وعشيقها، وقاما بعرض قصة خيانتها لزوجها مع هذا الرجل . ولم تكن هذه هي الواقعة الأولى لمقدمة البرنامج ، إذ أنها اعتادت تقديم هذه الحالات واستغلالها إعلاميًا .
هذا بخلاف تبادل الشتائم والسباب ، ورفع الأحذية ، مما يعد إهداراً للقيم الأخلاقية والقواعد الإعلامية .
وقد تحولت هذه القنوات إلي برامج تصفية الحسابات والإغتيالات المعنوية دون سند من القانون .
فلو نظرنا في قانون العقوبات المصري ، لوجدنا أن المادة 278 من قانون العقوبات المصرى، قد نصت على أن "كل من فعل علانية فعل فاضح مخل بالحياء؛ يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تتجاوز 300 جنيه". والركن المادى لجريمة الفعل الفاضح تتكون من عنصرين، هما: الفعل المخل بالحياء ، وهو الفعل المادى المكون للجريمة ، ويتميز بأنه عمل مادى أو حركة أو إشارة من شأنها خدش حياء الغير. والعنصر الثانى علانية الفعل، والعلانية معناها أن يشاهد الفعل أحد من الناس، أو يسمعه إذا كان السمع يدل على مادة الفعل، أو أن يكون من شأن الفعل بالكيفية التى وقع بها أن يراه أو يسمعه الغير ولو لم يرَ أو يسمع.
فإذا كنا نريد وقف هذه الفوضي الإعلامية بحق ، فيتعين تطبيق قانون العقوبات ، وليس ميثاق شرف العمل الإعلامي ، أو قانون نقابة الإعلاميين .
حــســــــن زايــــــــد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق