الثلاثاء، 16 فبراير 2016

هذيان بقلم محمد حدتى

ظل يلهث كما كان...حشرجة خضراء مزعجة تتحرك في اعماقه..،لازالت تنبعث منها حرارة جليد متشنج غاضب..
منذ هذياني الأول وأنا أعتقد أن الكون بركة نائمة تحتاج إلى الحركة..ومن أعماقي أومن بحتمية الحركة..
منطق هام : ليس في كل حركة بركة؛وليس في كل بركة حركة!..
منذ هذياني الأ
هذيانول أدركت أن الكلام يكون بكل الأشياء بكل الأرقام بكل العلامات...عدا الأصوات المخنوقة عنوة في الحناجر.. 
لازال في نفسه غصة من حلم أحمر..أخذ يتبدد ويتآكل..الغالبية غيرت الوجهة..بقي وحده مشدوها لشبق الغروب..ماسكا بهذه الجمرة اللامعة..مؤمنا بأيقونته الخالدة..
منذ هذياني الأول كنت مدثرا بخيط رفيع؛أعري كل الأجساد المنتفخة التي لا تحسن سوى الثغاء والتردد ..ولا تجرؤ على تغيير هيئة الجلباب أو وضع ربطة العنق دون التحديق الأعمى في الماء ...
وردتي الحمراء كانت تسكن أعماقي، كنت هي وكانت أنا..،وكان العقل و القلب بيننا..حكماء مندسين..
منذ هذياني الأول وأنا أحب...آه من الحب؛واحمرت واجنتاه خجلا...لم أكن أعير الأمر أهمية..فلسفتي في الحياة أن أعانق فرحي الطفولي وأغرق فضول الرقيب في اللامبالاة...هكذا نصحني هيرودوت ذات يوم ونام...
أغمض عينيه،نظر إلى داخله، تنهد بعمق وهاجر بصمت كما اعتاد أن يفعل دون اعتذار..صفق الباب وراءه ..أغلقت النوافذ بعنف..ولكن عينيه لازالتا محدقتين في الداخل.
منذ هذياني الأول وأنا أعبث بالأشياء..بالزمن..بالمعنى؛ هكذا ظلت الحقيقة منطقا آخر للتمويه..مجرى التاريخ يؤدي دائما إلى انبعاث السنابل من الرماد..
حتى لايكرر مساءاته كان يغير أشكال فناجين قهوته..يغير جلسته..يغير أماكن جلوسه. ؛قرأ كثيرا عن الحلول والانحلال، لكن القهوة كانت هي هي،والمكان هو هو ،لذلك قرر أن يعيد صياغة مساءاته بكثير من الاستعارات المنفلتة من زمن الأنوار والمجازات الغارقة في ماهية الوجود وسراديب ألف ليلة وليلة..
منذ هذيانه الأول وقع في شرك التحول؛ بل لقد بدأ يتحول فعلا...أتذكر أنه تحول مرات لاتحصى..تحول كل شيء؛ ولم يستطع أن يتحول إنسانا..
منذ هذياني الأول وأنا أتساءل بسذاجة عاقلة جدا عن سر هذا التحول...هناك من تحول آلاف المرات...غير كل شيء حتى قميص ضميره وحركة يديه ولون مشيته؛لكنه لم يستطع أن يتحول إنسانا...
منذ هذياني الأخير وأنا أسكن هذا الإنسان..تحولت كثيرا..كنت جدي مرات.. كنت هوتارة.. كنت أنا دائما..كنت أنت غالبا.. كنت الآخر حتما.. لكنني في كل مرة أرقب فيها المرآة أجدني أنا الإنسان بلا ظل ولا استعارة ولا مجاز ولانيشان...
محمد حدوتي
الخميسات في 2016/2/16

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق