الجمعة، 12 فبراير 2016

مــن الــذي أغـضــب الـرئـيـس ؟ بـقـــلـم : حــســــن زايــــــــد

مــن الــذي أغـضــب الـرئـيـس ؟
بـقـــلـم : حــســــن زايــــــــد
ترددت كثيرا، قبل أن أكتب تحت هذا العنوان ، لأنه إن لم ينطو علي دعوة ـ صريحة أو مبطنة ـ للتفتيش عمن أغضب الرئيس ، فإنه لابد وأن يكون حاملاً لفيروس يُشتم من رائحته ملامح النفاق ، أو أنه علي أقل تقدير يعد مدخلاً صالحاً لذلك . فمن ذا الذي يتحسس مواضع أقدام الرئيس حتي يتلمس من خطوها محاولة بائسة لإغضابه ؟ . أو يشتم في الأفاق روائح الإغضاب تهب من هنا أو هناك ، فيُعْمِلُ بصره في السماء ، كرة بعد كرة ، حتي يلمح مصدرها ، فيشير إليه ، أو يشي به ؟ . وخشية أن أسقط في شباك هذه المشاهد ، أو أن أكون فريسة لحبائلها ، ترددت في الكتابة تحت هذا العنوان . ثم حملت النفس علي التفكر في الأمر حملاً ، فوجدتني أقل من أن يُؤخذ نفاقي ـ إن أردت ـ علي مأخذ الجد ، لأنني مواطن ضمن آلاف المواطنين الذين لا يلزم نفاقهم الرئيس في شيء .ً وإن نافقت فلن يعود عليَّ نفاقي بشيء يُرتجي الإنتفاع به . ناهيك عن أن الرئيس ـ كما عرفته من خلال ما حازه من أغلبية ، وما تفصح عنه تصريحاته من إخلاص ، وما تدل عليه أعماله من تفان ـ لا يلزمه نفاق المنافقين ، ولا تزلف المتزلفين . ومن هنا يحق لي التساؤل عمن أغضب الرئيس ، لأن منطلق السؤال ودوافعه ، هو الحرص علي توفير البيئة الملائمة للعمل ، حتي يتسني له القيام بمهامه الرئاسية بالكفاءة والفاعلية المطلوبة . وقد لا يكون الرئيس قد أفصح عن هذا الغضب ، لأنه قد يكون حريصاً علي عدم تصدير هذا الإنطباع ، وإشاعة قدر من الطاقة السلبية المثبطة لقوي المجتمع وفاعلياته . ومن هنا يمكننا القول بأن من يستمع إلي كلمات الرئيس في مناسبات عدة يجد بين ثناياها ما ينم عن قدر من الغضب المكتوم ، بخلاف ما ينعكس علي ملامح الوجه من خلال تقاسيمه من انفعالات أثناء الكلام . فالرجل / الرئيس قد جاء إلي سدة الحكم بأغلبية كاسحة لم تتحقق لغيره ، في انتخابات حرة نزيهة لا مطعن عليها ، ممن اعتادوا الطعن والتشكيك في كل شيء ، وأي شيء . أي أن الشعب تلقاه بالرضا والقبول ، آملاً أن يعبر بمصر المنعطف التاريخي الخطر الذي تمر به في الوقت الراهن ، وسط أمواج عاتية لمتغيرات دولية بالغة الصعوبة . وقد تمتع الرئيس بثقة الشعب في قدراته علي هذا العبور،وتلك المواجهة . وما إن بدأ الرجل أولي خطواته في الألف ميل ، حتي انهالت عليه معاول النقض تحت زعم الحق في النقد من كل حدب وصوب . إذ فجأة جري تحميل الرجل مسئولية الإرث الذي آل إليه من سابقيه ، من تآكل أركان الدولة ، ونخر سوس الفساد في قواعدها وأساساتها ، وبني تحتية فاسدة متهالكة . ويبدو أن الجميع قد نسي أو تناسي أن النظام المباركي الأسبق قد فرّغ الأجيال الحالية من مضمونها ، سواء من وُلِد في عصره ، أو ولد قبل عصره بعقد أو بعقدين من الزمان . وتلك هي الجناية الأكبر والأعظم لنظام مبارك . ولا يصح منطقاً أن تجري مطالبة الرجل / الرئيس بمعالجة هذه الإختلالات الهيكلية الفادحة في البني الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسية بكبسة زر، لأن إحداث التغيرات الفجائية في هذه البني ، لابد مفضياً إلي انهيارها بالكامل ، وإتيانها من القواعد ، فيخر علي رؤوسنا السقف ، ونجد بلا مبالغة عاليها سافلها . لن نقول في حق من يجدف عكس الإتجاه أنهم خونة أو متآمرين أو حاقدين أو حاسدين أو باحثين عن دور ، وإنما فقط نقول بأنهم قد جانبهم الصواب ـ سواء بحسن نية أو بسوء نية ـ فيما يذهبون إليه من توجهات مناهضة . ولا نقول ذلك من باب الهوي الشخصي ، أو رغبة منا في تشويه موقفهم أو تلويثه ، أو المصادرة عليه . وإنما أقول ذلك قياساً علي ما أمر به المولي عز وجل موسي وهارون حين طلب منهم الذهاب إلي فرعون ، علي ما بين فرعون حاكم مصر والرئيس السيسي ـ حاكم مصر ـ من بون شاسع يبلغ مبلغ ما بين المشرق والمغرب ، من حيث موقف كل منهما من قضية الألوهية . ففرعون ذهب إلي القول : ” أنا ربكم الأعلي ” . والسيسي قال : ” أنا لست رئيساً ، وإنما أنا واحد منكم ” . ونأتي علي الأمر الإلهي لموسي وهارون : ” اذهبا إلي فرعون إنه طغي ، فقولا له قولاً ليناً ، لعله يتذكر أو يخشي ” . إذن فالقول اللين مطلوب ، وإن كان في حق فرعون واجباً ، فهو في حق الرئيس السيسي أوجب ، فذلك يبعث علي التذكر والخشية . والرجل / الرئيس يصل الليل بالنهار في العمل ، في داخل مصر وخارجها ، وهو منتخب لفترة رئاسية محددة ومحدودة ، ويجري محاسبته عن أعماله بعد تمامها ، وليس قبل ذلك ، وهو مسئول عن اختيار مساعديه ومعاونيه ومستشاريه . وبعضنا يبالغ بتحميل السيسي المسئولية عن إرثه الذي آل إليه ، ثم يزيد ويزايد بمبالغته في هدم ما يقوم بانجازه بنقضه وتتفيهه والحط من قدره . وينسي في غمرة ذلك قول المولي عز وجل : ” ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ” . ولا يفوتني أن أناشد الرجل الرئيس ألا تصيبه هذه الحملات بالإحباط واليأس ، فهو إختيار الشعب ، وهو رئيس اللحظة الآنية بامتياز ، والتاريخ أمامه مفتوحاً علي مصراعية كي يسطر بأفعاله وأقواله وأعماله صفحات ناصعة ، ستذكرها الأجيال القادمة لا ريب ، فإلي الأمام دون إلتفات إلي ما يتطاير حوله من رذاذ المزايدين . لن ينفض الشعب من حولك فأنت رقيق القلب ، ويشعر الشعب بحنوك عليه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق