الأربعاء، 17 فبراير 2016

الأزهـــر فــي مــواجـهـة الــدواعـــش بقلم الكاتب حسن زايد



الأزهـــر فــي مــواجـهـة الــدواعـــش
بـقـــلـم : حـســـن زايــــــــد
لقد كنت أظن ـ وبعض الظن إثم ـ أن الأزهر الشريف قد أغلق أذنيه ، ووضع في فمه ماءًا ، إزاء ما يجري مما يُعرف إعلامياً بالدواعش . وقد هاجم البعض مؤسسة الأزهر هجوماً ضارياً ، بسبب هذا الموقف ، الذي عده البعض مريباً . بل إن البعض قد زايد علي الأزهر بوصمه بوجود عناصر داعشية بداخله ، انتماءً نفسياً ، أو فكرياً ممن يطلق عليهم الخلايا النائمة . إلي حد إمكان وصمهم بكونهم خلايا نائمة تعمل بالتواطؤ ضد الدولة المصرية ، بتبنيهم لهذا الفكر الداعشي ، ولو بالصمت عن مواجهته . والحق أقول أنني كنت من الفئة التي تحمل في نفسها من موقف الأزهر أمراً . وقد زاد من ذلك الشعور ظهور بعض علماء الأزهر علي شاشات التلفاز يؤيدون ويدافعون عن الأزهر في موقفه من الإمتناع عن تكفير عناصر داعش . وكانت حجتهم في الدفاع عن هذا الموقف حجة باهتة لا ترقي لمستوي الإقناع أو الإقتناع ، إذ انصبت علي عدم جواز انسياق الأزهر إلي منزلق التكفير ، كما يفعل الدواعش ، وإلا ما كان هناك من فرق بين الموقفين . وقد ساهم في اكتمال تلك الصورة موقف الأزهر التطبيقي العملي من مسألة تجديد الخطاب الديني ، واتسام موقفه من هذه القضية بالرمادية ، إذ يجري تبني فكرة تجديد الخطاب الديني علي المستوي الخطابي الإعلامي ، دون أن نجد لهذا التبني من أثر علي مستوي التطبيق والواقع . بما يعني علي مستوي الفهم السياسي أنه انحناءة للريح حتي تمر، علي الأقل علي المستوي النفسي والشعوري . وقد زاد من حدة هذا الإحساس ، وأسهم في تعميقه ، موقف الأزهر الشريف من قضية اسلام بحيري ، وفاطمة ناعوت بشأن قضية ازدراء الأديان التي قدما بسببها إلي المحاكمة . فهو ـ كمؤسسة علمية ـ وإن كان لم يكن وراء الدفع بهما إلي القضاء ، إلا أنه صمت صمت الموافق علي ما تم ضدهما . وبالقياس كان يمكن أن يكون الموقف من داعش إزاء ازدرائهم العملي للدين الإسلامي . وليس معني ذلك أنني أقف في صف غلاة دعاة التنوير الذين يدعون إلي تعطيل الدين عن دوره في حياة البشر بالكلية ، بإزاحته جانباً ، وتنحيته عن التفاعل مع الحياة ، ويتخذون من الدفاع عن موقف المذكورين ، والهجوم علي الأزهر ، تكئة للوصول إلي مبتغاهم . لأن موقفهم من الدين كعقيدة وشريعة يتعارض مع تنويريتهم التي تقضي باحترام حرية الأخرين ومعتقداتهم . إلا أن هذه المواقف برمتها تأخذك إلي هذا الإتجاه حيال الأزهر . إلا أنني فوجئت بمجلة الأزهر الشريف التي تصدر عن مؤسسة الأزهر ، عدد جمادي الأولي 1437 هجرية تتضمن باباً تحت عنوان : " رسالة مرصد الأزهر " . فلفت نظري لفظ : " مرصد " ، لأن المرصد ، ورصد ، نوافذ الكترونية تخص جماعة الإخوان ، وتوابعها علي مستوي الشبكة العنكبوتية ، الأمر الذي دفعني للتوقف عند هذا الباب . وكان عنوان الباب الرئيس : " مظاهر التضليل في الخطاب الداعشي " . والعنوان الفرعي : " إلغاء النظرة المقاصدية وعدم اعتبار المآلات في تأصيلهم الفكري " . وقد قرأت المقال ، وسعدت به أيما سعادة ، لأنه ينبيء عن يقظة ، وإن كانت متأخرة ، من جانب مؤسسة الأزهر لمواجهة البناء الفكري لهذا التنظيم الإرهابي . وهو نواة لمشروع له أهميته حالاً واستقبالاً ، إلا أنه يؤخذ عليه عدة مآخذ من بينها : أولاً : أنه لم يتم التنويه عن هذا الباب ، وما يضمه من مقالات علي غلاف المجلة . ثانياً : أن المساحة المفرودة للمقال غير كافية لبسط الموضوع بسطاً وافياً شافياً . ثالثا: الأسلوب الأكاديمي المترفع في عرض الموضوع ، رغم أن الفئة المخاطبة به ، المفترض أنها فئة بسيطة ، محدودة الثقافة . رابعاً : أن مقال بهذه المساحة لمرة واحدة شهرياً ، يعد غير كاف بحال لمواجهة سيل الأفكار التي يتم بثها علي مدار الساعة من جانب هذا التنظيم . ولذا فإنني أقترح علي مؤسسة الأزهر أن تفصل مرصد مجلتها عن المجلة الأم ، وأن تصدره في رسالة مستقلة كهدية مجانية ، شأنها في ذلك شأن الكتيبات المرفقة بالمجلة كهدية مجانية ، وتكون هي من باب أولي ، ووجود هذه الرسالة يتيح مساحة كافية لنشر المتابعة اليومية للأضاليل الفكرية المسمومة التي يبثها هذا التنظيم ، مع بسط الموضوعات بسطاً ميسراً ، موضحاً للمصطلحات توضيحاً وافياً . وينقص المجلة وملحقاتها الجانب الإعلاني الدعائي اللازم لترويجها وتسويقها علي نحو يساهم بشكل جاد في توسيع دائرة توزيعها . فبذلك يتسني للأزهر توصيل رسالته ، خاصة لو تم ترجمة أعداد المجلة لعدة لغات ، وتوزيعها علي نطاق دولي . فهل نحن فاعلون ؟ .
حــســــــن زايــــــــــد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق