الاثنين، 8 أغسطس 2016

عــذراً .. زويل بقلم امل محمود




عــذراً .. زويل
علي قدر حزني علي وفاة ذلك العالم الجليل وحق لي أن أحزن عليه .. رغم أن الموت حق إلا أننا قد تأخرنا كثيراً في اكتشاف أن لدينا عالم بهذا الحجم والقدر والمكانة .. ففقدنا بتأخرنا الكثير ، وفاتنا الكثير والكثير . ومن هنا كان حزني ، حزن الإحساس بالفقد ـ قبل الرحيل ـ لأنه عاش بيننا فترة أقصر وعلي قدر فرحتي بعودته ، تكريمه ، قبل فوات الآوان ، ومنحه قلادة النيل ، أعلي وسام مصري . كان حزني عندما زاحموا مشروعه بمشروع جامعة النيل ، وما كان لنا أن ندخله في دوامة الإجراءات الإدارية ونغرقه فيها حتي يصاب باليأس والقنوط ، لأسباب قانونية أو أسباب سياسية . وعلي قدر فرحتي بإصراره علي اتمام مشروعه ـ مدينة زويل للبحث العلمي ـ علي قدر حزني علي إصابته بذلك الداء الوبيل ، والمرض الملعون ، السرطان . وتوقفت أنفاسي مع ظهور الشريط الأحمر مكتوباً عليه : عاجل .. زويل في ذمة الله . انتظرت لعل هناك من يخرج لتكذيب الخبر ، إلا أن الخبر تأكد فتأكد المصاب الجلل لمصر في أحد علمائها . ثم توالت الأخبار النكدة .. لا يوجد طيران مباشر بين مصر ومكان الوفاة في أمريكا ، ثم سيجري نقل الجثمان عبر الخطوط الجوية التركية ، فأصبت بالغم الإعتراض المكتوم الغاضب . ثم جاءت الإنفراجة بقرار الرئيس بإعادة الجثمان علي متن طائرة مصر للطيران . وجلسنا ننتظر وصول الجثمان امام شاشات التلفاز . ثم فوجئت بالصندوق الخشبي المسجي الجثمان بداخله ، يجري نزاله من بطن الطائرة ، مع البضائع . أنا ليس لدي فكرة عن الإجراءات الخاصة بنقل الجثامين وصعوبة وضعها مع الركوب ، وأنه يجري شحنها كما تشحن البضائع ، وأن لذلك قواعد متعلقة بسلامة وأمن الطيران .. لا أدري . ولكن المشهد أصابني بالغم والحزن ، لأن المشهد لا يليق بجثمان ذلك العالم الجليل . وإن كان ولابد وفقاً الإجراءات والقواعد المعمول بها ، ويصعب تجاوزها أو مخالفتها ، فلا أقل من منع تصوير هذا المشهد ، وعدم نقله لا صحفياً ، ولا تلفزيونيا .
رحمك الله يا زويل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق