الأحد، 15 نوفمبر 2015

داعــش عـلـي اســـتـقـامـتـهــا بقلم الكاتب حــســـــن زايــــــــــد

داعــش عـلـي اســـتـقـامـتـهــا
بــقــلـم / حــســـــن زايــــــــــد
فكر معي ملياً ، في تلك الظاهرة التي طفت علي السطح العربي فجأة ، مع الغزوالأمريكي للعراق . وهي ظاهرة داعش . ومن قبل داعش تنظيم القاعدة ، ومواكبة لتنظيم القاعدة ، تنظيم طالبان . ومن قبل كل هؤلاء تنظيم الإخوان ، وما تفرع عنه من جماعات : التكفير والهجرة ، والناجون من النار ، والجماعة الإسلامية ، وجماعة الجهاد . لو شددنا خيطاً بين هذه الجماعات ، لوجدنا خيطين مترافقين ، أحدهما: التخفي وراء الإسلام فيما تدعو إليه ، وتعمل من أجله ، ونفي المسلم الآخر بدرجات مختلفة ، والإسلام الذي يتبنونه ـ كأعضاء في هذه الجماعات ـ هو الإسلام التصادمي ، لأن الإسلام الوسطي المعتدل لا يصنع له الصورة ، التي يسعي إلي بروزتها عن نفسه في إطارالإسلام . ولذا تجد علي مستوي الشكل ، الحرص علي إطلاق اللحية ، ووضع غطاء الرأس ، وتقصير الجلباب، وارتداء بنطال تحته ، وتبني النقاب كخيار حاد ، بغض النظر عن المضمون . وعلي مستوي الموضوع غالباً ما يتبني الآراء المتطرفة ، الحادة ، والتصادمية ، لأن هذه الأراء هي التي تحقق ذاته ، في التميز والتفرد ، بين أقرانه . ويخلقون لأنفسهم كانتونات اجتماعية خاصة بهم داخل المجتمع المسلم . الثاني : وجود جهاز مخابرات في الخلفية ، في منطقة الظل ، وراء الستار ، يدير المشهد ، ويحرك عرائس الماريونيت ، من خلال خيوط لامرئية ، يعتقد معها المشاهد أن حركتها ذاتية. والعلة الرئيسة في التجاءالأجهزة المخابراتية إلي تبني هذه الجماعات ، يرجع في الأساس إلي علمها بأن أفكارهم المنغلقة ، وعقولهم الجمعية ، تجعلهم أسهل في السيطرة ، وأسلس في القياد ، وأقدر علي الصدام مع الأفكار ، والأوضاع ، والقيم ، والسلطة ، والدولة . وليس للسؤال عن العلة التي تدفع المخابرات إلي هذا الخيار محل ، لأنه أقرب إلي البحث عن العلة وراء تجنيد الجواسيس . والباحث المدقق في نشأة جماعة الإخوان في مصر ، سواء بالبحث في مراجعهم ، أو في المراجع العربية التي كتبت عنهم ، أو في المراجع الأجنبية ، سيكتشف بسهولة دور المخابرات الإنجليزية في وجود هذه الجماعة ، ثم دور المخابرات المركزية الأمريكية ، خاصة في ظل التوجه الناصري في خمسينيات وستينيات القرن الماضي نحو الإشتراكية . وأشهر الأمثلة الصارخة علي هذا المشهد العبثي ، ما حدث بعد التدخل السوفيتي في أفغانستان لصالح الحكومة الشيوعية فيها ، حيث جري تجييش أعضاء هذه الجماعات تحت اسم الجهاد، وتمويل عربي ، وتدريب ، وامداد بالسلاح والمؤن ، وإشراف وتخطيط مخابراتي غربي أمريكي . وقد انبثق عن هؤلاء المرتزقة ما يسمي : " تنظيم القاعدة " . وعندما اختلف فرقاء الجهاد الأفغاني ، واحتد القتال بينهم ، قامت المخابرات الباكستانية بإختراع طالبان بتواطؤ غرب / أمريكي . وعندما وقعت أحداث سبتمبر في أمريكا ، سواء بفعل المخابرات المركزية ، أو بإيعاز منها ، أو بغض الطرف عن الترتيب لها ، كانت ترتيباً لما بعدها ، من ضرب أفغانستان ـ المنهكة إلي حد الموت أصلاً ، والضرب فيها كالضرب في الميت ـ بزعم ضرب القاعدة . ثم جري دخول العراق بمسرحية هزلية ، انتهت بانتهاء الدولة . ثم جري اختلاق بديل القاعدة وهو داعش . وأعمال داعش في المنطقة ، وعربدتها ووحشيتها ، تقول بأن هؤلاء الدواعش صنيعة أجهزةمخابراتية بامتياز . وأنهم كلاب مسعورة جري إطلاقها في المنطقة .
وبقراءة آخر مشاهد هذا التنظيم الخفي فيما جري في مصر ـ إن ثبت أن سقوط الطائرة بفعل خارجي ـ وما جري في جنوب لبنان ، ثم ما حدث في باريس ، وبهذا الحجم ، وبهذه النوعية ، وفي هذه التواريخ المتقاربة ، سنجد روائح نتنة لأيادي قذرة تعبث في الخفاء . أيجري كل هذا في ظل وجود أقوي أجهزة مخابرات في العالم وهي لا تدري ؟ . أيعقل أن تكون كل هذه الأجهزة في كل هذه الغفلة ؟. أم أن أشباح داعش أقدر علي التخفي والتنكر والتمويه من كل الأجهزة وتقنياتها الحديثة ؟ . أم أن هناك أجهزة تقف وراء هذا العبث الخطر علي الوجود البشري ، وتحركه ، وتوجهه ، وتموله ؟ . فإذا أردنا الإقتراب من الحقيقة فلنعد إلي القاعدة القديمة وهي قاعدة : " فتش عن صاحب المصلحة في كل جريمة " . وشد الخيط علي امتداده . وامتداد الخيط يصل بك إلي خلق العدو البديل وهو الإسلام من ناحية . وتبني أجندة معادية تجاه دول المنطقة باعتبارها المصدرة للعدو ، وضرب أي علاقة تقارب بين دول هذه المنطقة ، وأي دول أخري من ناحية أخري. والقصد الحفاظ علي الكيان المختلق في المنطقة دون مخاطر ، وضمان تدفق المواد الخام من هذه الدول إلي الغرب وأمريكا دون منغصات ، وأن تظل هذه المجتمعات بأنظمتها مستأنسة خاضعة تابعة ذليلة .
حــســــــــن زايـــــــــــــد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق