الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

طلب وظيفة: بقلم الشاعرة خديجة قرشي

طلب وظيفة:قصة قصيرة .
~~~~~~~~~~
رفعت عينيها لتقرأ:نيابة وزارة التربية الوطنية..... 
أخرجت من حقيبتها الظرف المختوم، لتؤكد لنفسها أنها حقيقة تسلمت جواب التعيين.(الذي لم تعلم بوصوله إلا بعد أسبوع ، حين عودتها من الرباط) .
ولجت من البوابة الكبرى ،و اتجهت نحو الاستعلامات لتسأل عن المكتب المختص وقبل أن تبدأ في السؤال ._من هنا تفضلي أستاذة

تبعته بتلقائية،دخلت المكتب و ظلت متسمرة على عتبته .
_أ يعقل أن تيسر أمورها لهذه الدرجة؟ لم لا، التعليم يتطلب جدية و اتساع أفق و ثقافة..و أنا لها، ثم تنبهت،هذه أشياء لن يراها، لن يرى غير مظهرها الخارجي؛و ما به؟ جميلة في وقار.و ملابسي؟ ما بها ؟ لم أجد غيرها في خزانة أختي،هذا الزر العنيد يأبى إلا أن ينفتح كلما أحكمت إغلاقه . لامسته بأناملها لتطمئن و نثرت عليه بعض الخصلات عله يستكين
_تفضلي أدخلي
اختلج جسمها بفرحة و ارتباك؛ تفضلي معناها الوظيفة؛ابتسمت بكل ملامحها؛التفتت يسارا و ألقت قبلة لماضيها فتلون بألوان قوس قزح،غمزت لحاضرها فحامت حولها الفراشات و تناثرت وريقات الورود بين قدميها و التفتت يمينا و أومأت لمستقبلها فأنيرت مصابيح بددت ظلام الغيب.
_تفضلي تفضلي
دخلت ،كان مرتميا على مقعده بكل أريحية يتجاذب أطراف الحديث مع زميلين جلسا رجلا على رجل أمام مكتبه،حديث لم تسمع منه شيئا بل سمعته لكن لم تفقه منه شيئا،
_عليَّ أن أبدو متزنة واثقة من نفسي :أنظر إلى فوق، لا سيقول؛ متكبرة.
أنظر إليه؟ لا ،حبيبي دائما يقول بأن نظراتي توحي .بإغراء..لم أفهم أبدا ما يعنيه..ولكن سأنظر إلى أسفل..لا..قد يقول خجولة و هذه صفة تتنافى مع وظيفتي الجديدة.
فلأنظر أمامي و أتحاشى النظر إليه..رأته يبتسم..فأشاحت بنظراتها..ثم عاد و ابتسم فأشاحت بوجهها الناحية الأخرى ظل مبتسما و نظراته تجول طولا و عرضا في هيئتها ..ما بها ملابسي ؟قد تكون التنورة قصيرة بعض الشيء ،و لكن لم أخرج عن المألوف هذا هو السائد اليوم..قد يكون القميص أضيق جهة الصدر..فأعادت توزيع خصلات الشعر.
هذه المرة ابتسامة مختلفة أربكتها ،فارتسم عبوس و تجهم ما بين حاجبيها .
_ أنتِ لِمَ أنتِ هنا؟؟
_أنا ...و مدت له الظرف في ارتباك تام..لم يعره اهتماما..و قال:
-انتظري خلف الباب ألا ترين انشغالي؟
لم تدر ما حدث داخلها تكومت كل أسس الثقة التي باتت ليلتها تبنيها داخل نفسها .
وقفت خلف الباب كما أمر،لم تدر إلا و أمطار كالدموع تنهمر كالسيل على خدين متقدين من شدة الخجل و الارتباك ..
أخد البواب الظرف منها برفق، قال لها :
-اذهبي المكتب رقم(...) هو المكلف بالتعيينات الجديدة، ضحكت ، و عاد الأمل. و بارتباك شديد فتحت حقيبتها ..لا شيء ..أقلام رصاص.. أقلام حبر جافة ..وريقات...أغلقتها..و مسحت بيدها على وجهها ،ثم مررت أصابعها على أزرار القميص لتطمئن ،و صعدت الدرج بخفة الفراشة ...هذه المرة سأبتسم ..و سأنظر ..و ..سأتجاذب أطراف الحديث..المرء من يتعلم من أخطائه الفرصة لا تأتي إلا مرة واحدة ..لن أدعها تضيع..
دلفت مكتبا واسعا عريضا ..عدة موظفين..أشار إليها رئيسهم ربما ..جلست قبل آن يأذن لها ..فتحت الظرف ..و وضعته أمامه ..تصفحه بتمعن..مركزا على تاريخ الختم.
_لماذا تأخرت؟
_أنا .؟؟؟.
_نأخرت.. ظنناك غير مهتمة ،فآلت الوظيفة لغيرك ..

~~~~~~~~~
يقلمي :

خديجة قرشي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق