الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

رثـاء بقلم الكاتبة وفاء ماضي

رثـاء
بعد أن ودعت زوجها إلى مثواه الأخير عادت وحيدة يصاحبها الحزن والأسى تتمنى
رؤيته ولو دقائق ، و قبل أن تريح جسدها المنهك من رحلة العناء القاسية في وداع رفيق العمر وقفت أمام صورته المعلقة على حائط البهو راحت تتأمل أناقته وابتسامته الهادئة شد انتباهها الحزن البادي في عينيه ، وكيف لم تلمحه أو تلحظه من قبل وتساءلت هل كنت سببا في هذا الحزن ..؟
دارت في المنزل حول نفسها تتخبط قدماها ، تحسست أريكته التي كان يجلس عليها فتحت دولابه وتشممت ملابسه واحتضنتها فأنعشها عطره المفضل العالق بها نظرت إلى مطفأة سجائره واحتضنتها وقبلتها بعد أن كانت لا تطيق رائحتها
ثم وقع نظرها هناك على المنضدة على علبة سجائره هرولت إليها فتحتها وجدت بها بعضا من سجائره التي لم يمهله القدر لإشعالها قررت أن تحتفظ بها بجوار ملابسها ، أمسكت بكتبه متفحصة حروفها خيل إليها أن الكلمات ترثيه وكأنها دموع حارقة ، شعرت بغربة ووحشة موجعة في مملكتها علي حد قوله لها ثم آااااااااه صرخة أطلقتها في أرجاء المنزل وعاد صداها يزلزل جسدها...
في أول يوم لفراقه تشعر بأنفاسه تلاحقها،وبعد انقضاء أيام العزاء الثلاث انصرف
الأهل والأصدقاء جلست وحيدة تحدث صورته وتؤكد له أنها ستبكيه عمرا حتى يحين اللقاء وأخذت تعاتبه على ذهابه وتركها بمفردها ولماذا خدعها خان الوعد وسبقها ثم قالت ألم أطلب منك أن لا ترحل قبلي وأوصيتك بزيارة قبري ،لقد أمت قلبي رغم حياته تنهدت وحمدت ربها أنها لم تسبب له ألم الفراق القاسي،من شدة
إرهاقها نامت مكانها على مقعده وبعد وقت لا تعرف مقداره استيقظت علي مواء القط وهو يتمسح بها كأنه يستفسر عن غياب صاحبه ، فهو قطه المدلل الذي لم
يفارقه منذ أن ابتاعه ليسلي وحدتها أثناء غيابه في العمل تذكرت اهتمامه به من طعام واستحمام وكيف كان يداعبه ويجلسه على حجره وكم كان القط يوتره أحيانا يخطف جوربه يخفيه أو يدخل في حذائه أو يقفز فوق كتفه أو يلعب بنظارته ويمزق
جريدته ويهرب منه، مسحت دمعها وربتت على ظهر القط وقالت البقاء لله، لم يبق لي سواك تؤنس وحدتي فعاهدني أن لا تسبقني ...!!
وفـــــاء ماضي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق